ريم صالح
تحكي البرديات الطبية التي اكتشف أغلبها في نهايات القرن الثامن عشر عزيزي القارئ عن اعجاز يضاف للاعجاز الطبي. هذا الاعجاز يتمثل في كيفية تدريب الاطباء على العمل الطبي والعلاقة بين الأطباء داخل المعابد والقصور الملكية.
أحد أهم البرديات التي قصت وتناولت هذه العلاقات كانت في نصوص رامسيوم الطبية Ramesseum medical papyri ؛ تحديدا البردية الرابعة والخامسة. فهي مجموعة من النصوص الطبية التي اكتشفت في المنطقة المعروفة باسم رامسيوم وتعود إلى العصر القديم البطلمي، وتحتوي على وصفات طبية وأدوية مختلفة. كُتبت جميع النصوص على ورق البردي بالكتابة الهيراطيقية، باستثناء البردية الخامسة Ramesseum V المكتوبة بالهيروغليفية، والمحفوظة في المتحف البريطاني.
عام 1895 في رحلة تنقيب في المعبد الجنائزي لرمسيس الثاني في طيبة وهو واحد من أجمل المعابد والذي يطلق عليه “بيت ملايين السنين”؛ لم يتخيل كل من فليندريس بيتري وجيمس كويبل أن يجدا في الركن الشمالي الغربي من أنقاض مجمع المعبد صناديق تحمل برديات هامة جدا. أحد هذه الصناديق؛ صندوق خشبي يحتوي على لفة من ورق البردي في حالة سيئة، تُعرف الآن باسم برديات الرامسيوم إلى جانب مجموعة من أقلام القصب والأدوات الطبية. تغطي هذه البرديات مجموعة من الحقب الزمانية لعدة أجيال من البرديات وقد دفنت على ما يبدو في أواخر عهد الأسرة الثالثة عشرة وكانت ملكا لكاهن طبيب. هذا على الرغم من عدم وجود أي مواد دفن منقوشة تحمل أي إشارة إلى هوية هذا الطبيب.
هيا بنا نرى ماذا ضمت هذه البرديات؛ سنجدها مجموعة من النصوص الطبية تحتوي على وصفات طبية وعلاجات مختلفة للأمراض والإصابات المختلفة، بما في ذلك الأمراض المعوية والتهابات المسالك البولية و الحروق التي لها بردية خاصة بها، وجروح الجلد والأمراض النفسية ..نعم الامراض النفسية والاسترخاء. وتشمل نصوص رامسيوم الطبية أيضاً وصفات لعلاج النقرس والصداع وأمراض العين والأسنان. وتعد هذه النصوص مهمة جداً لفهم الطب في مصر القديمة، وتشكل إضافة قيمة للمعرفة الطبية القديمة في العالم. كما تحتوي على وصفات طبية وأدوية مختلفة قائمة على التجريب.
البردية الثالثة تعرض الحروق وأنواعها وكيفية علاجها؛ وخاصة أن معظمها بسبب بركان ثار في ذلك التوقيت، في الغالب يرجح أنه بركان سانتوريني. كما حددت البردية كيفية مساعدة مصابي الحروق لتقليل الإصابة، وشرحت طرق علاج مثل المراهم وربط الضمادات.
في البردية الرابعة خصصها الطبيب المصري للنساء والأطفال؛ فأجدادنا تمكنوا تحديد أمراض النساء والتشريح وتحديد العلاج المناسب. فقد نجحوا في تحديد مشاكل الولادة سواء للأم والأطفال حديثي الولادة، كما تمكنوا من اكتشاف علاج لمنع الحمل، الأهم أنهم تمكنوا من التنبؤ بنوع الجنين. أيضا ذكر في البردية كيفية الاسترخاء وإرخاء العضلات.
بينما البردية الخامسة تتضمن معلومات خاصة بأمراض الطفولة وأمراض العيون وتشنج العضلات والأوتار وأمراض النساء. أيضا ذكر في البردية كيف يتم تدريب الأطباء تدريبا مهنيا، وغالبا على يد الآباء أو الأقارب.