أفنى الشعراء والأدباء والفلاسفة أعمارهم بحثا عن أنثى جميلة ضائعة؛ وربما كانت أنثاك هي تلك التي كانوا يبحثون عنها. لا تستبعد شيئاً، وأنت تستطيع أن تصنع منها هذا النموذج الخالد حتى وإن كانت حمقاء بليدة. فأنت فارسها وأستاذها وقائدها ومعلمها. حتى إن كان شعرها أكرت أو مجّعد وليس ناعما يهفهف مثل الحرير فهي جميلة. وبإمكانها أن تصنع لك ألف تسريحة مذهلة، لو أنك أثنيت على خصلاتها التي تُدخلك إلى عالم ساحر كلما غرست أصابعك وتحسسته برقة وصمت حتى تتوحد أصابعك مع جذور الشعيرات النابتة على حافة الجمجمة التى تحمل الأفكار والخيال وتستمتع الآن. فهذه أول مرة يصل إليها إنسان ويحبها كل هذا الحب رغم أنها جمجمة ناشفة.
وكل تفصيلة في الأصابع بعقدها الثلاثة وتعاريجها تحمل سرا، ورائحة، وقصة. وقد احتار الفلاسفة في أمرها واجتهد علماء النفس وعباقرة ما وراء الطبيعة في تعريفها. وقال الحكماء منهم إن (الإبهام) هو “الوالدين” الأب والأم، أما (السبابة) وهو الأصبع الثاني فيمثل الأشقاء، و(الأوسط) يمثل شخصية صاحبه، والأصبع الرابع (البنصر) يمثل شريك الحياة، في حين أن (الخنصر) هو الأطفال الذين ننجبهم. وأنت تستطيع الاستغناء عن الجميع باستثناء نفسك أو الأصبع الرابع الذي يعبر عن شخصيتك وذاتك. وهو الذي نضع فيه الخاتم فيصبح ملكاً للنفس التي اختارت شريكها؛ هكذا يقولون ولم يتم إثبات تلك النظرية علمياً وإن كانت تجربة مهمة أجراها علماء الأعصاب تشير إلى وجود “سر كبير” في الأصبع الرابع (البنصر) دون غيره. وهي تجربة بسيطة لا تحتاج إلى جهد، بقدر ما تحتاج تركيزاً ومعرفة باسماء الأصابع، وتستطيع أن تلعبها مع رفيقتك على سبيل الهزار. فقط افتح كفيك واجعلهما يتقابلان وجها لوجه كأنك على وشك التصفيق، وخذ الأصبع الأوسط الذي يمثل نفسك خارج المعادلة بإعادته للخلف مع المقابل له، واجعل باقي أطراف أصابعك تلتصق مع بعضها البعض. إن كنت فعلت فحاول أن تفصل إبهاميك (يمثلان والديك) عن بعضهما البعض وستجد أنه بإمكانك ذلك بسهولة، ثم ارجع إبهاميك كما كانا وحاول أن تفصل بين أصبعي السبابة (يمثلان أشقاءك) وستجد ذلك سهلاً، ثم أعدهما كما كانتا. وحاول أن تفصل بين الخنصرين ـ يمثلان أولادك و بناتك ـ وستجد ذلك ممكناً، والآن ارجعهما كما كانا. حاول ـ أخيراً ـ أن تفصل بين البنصرين، وستجد المفاجأة أنك لا تستطيع أبدا ذلك!.
خاتم الجاسوسة فى كأس النبيذ!
أما قدم الأنثى وأصابع قدم الأنثى فملحمة كبرى خاضها الأدباء وعواجيز الحب والهوى بحثا عن أسرارها. فأنت حين تُقبل قدم زوجتك تحطم حاجزا كبيرا في العبور إلى شاطئها، فها أنت تخضع إلى هذا الحد الذي يجعلك “تبوس القدم”! ورغم ما بالمعنى من خضوع وإذلال؛ إلا أنك تفعله هنا متهللا سعيداً. وخجل الأنثى وتقديرها لك قد يمنعها من تقديم قدمها في البداية، فهي لا تريد مساً برجولتك؛ لكنها في المرات القادمة ستضحك وتبتهج روحها. وليس هذا كلامي لكنها تجربة عاشها كاتب كبير اسمه ديستوفسكىي (1820 ـ 1880) الذي كتب “الجريمة والعقاب” و”الأخوة كرامازوف” و”المقامر والأبله” إذ كان مولعاً بأقدام النساء! ولا يحب المرأة إلا بعد أن يراها تخلع حذائها ويتلمس أصابعها :”سامحينى ..أعطني قدمك الفاتنة أسكب عليها دموعي وأغسلها بمائي وارتوي من أصابعها البللورية إنها أقصى درجات سعادتي”. وكثيرات من الحسناوات تعاملن معه باعتباره “مجنون رسمي” وتهربن منه. أي رجل هذا الذي يُفني ساعات الحب في الأقدام وأصابعها؟! أ
ما العارفات بأسرار الأنوثة فكن يقدمن إليه أصابعهن العشرة ويتفنن في تزيينها وتجميلها. ومن سؤ حظ ديستوفسكي أنه لم يلتق بالجاسوسة الشهيرة “ماتا هاري” التي كانت أغلى أماني حياتها أن تستحم في حوض من النبيذ وأن ياتي الجنود بملابسهم الرسمية يرشفون القطرات التي تتساقط من أصابع قدميها. وكتب الروائي الكبير باولو كويليو روايته “الجاسوسة” التي صدرت عام 2016 عن قصة حياة تلك الفاتنة المجنونة. فكانت حين ترقص تضع الخواتم ، وتلقي بالخاتم من أصبعها في أقداح النبيذ ويتبارى الرجال في امتصاصه وإعادته الى أطراف أصابعها حتى الصباح. وعاشت “ماتا هاري” بباريس ونقلت أسرار فرنسا إلى برلين، وعندما اكتشف الفرنسيون أمرها تم تجنيدها لتنقل من جديد أسرار جنرالات هتلر السكارى بشهد أصابعها إلى باريس. لكن دخول اللعبة ليس كالخروج منها ووقعت ماتا هاري في النهاية وأعدمت في فرنسا عام 1917.
تارانتينووووووووووووووو
كان من الممكن أن ينتهي المضوع عند هذا الحد، لكن ابنتي الكبرى (ضحى) وهى خريجة معهد الفنون فاجأتني وهى تنصحني بمشاهدة بعض أفلام المخرج الأمريكى تارنتينو قبل نشر المقال!! وأنا أثق فيما تقول ضحى. وفعلتها سريعا كي أتعرف على هذا التارانتينو!! وأجارك الله على جنون هذا الولد يا صديقتي! ماهذا الهوس والعشق والغرام بأصابع الأنثى!! وغد كبير هذا المخرج الذى جعل لأفلامه تيمة متفردة وخاصة جدا. حتى إن النقاد اعتبروه مصابا بعقدة نفسية تجعله حريصا في كل أفلامه على تفصيلة قدم الأنثى، كل بطلات أفلامه مشغولات بأقدامهن تعبيراً عن رغبة جارفة في تركيع الرجل وإذلاله أو في استمتاعها بنرجسيتها. وحتى فى جنون غضبها وفرحها تظل القدم محور تركيز، وأنا عن نفسى سعيد باكتشاف عالمه السينمائي الذى سيكون على جدول مشاهداتي فى الأيام المقبلة وربما نعيد كتابة وصياغة المقال.
………
من كتاب ( أن تحب فى العشرين ـ للنابهين من الذكورـ أشرف عبد الشافي- منشورات دار بتّانة ).