ريم صالح
في عالم السينما، حيث تتداخل الأحلام مع الواقع، تواجه النساء تحديات عديدة. ولو كنت فاكر عزيزي القارئ أن صناعة السينما يهيمن عليها الرجال في الوطن العربي فقط؛ تبقى غلطان. فلطالما كانت صناعة الأفلام ساحة يهيمن عليها الرجال في العالم كله، مما جعل من الصعب على النساء أن يجدن مكانهن. ومع ذلك، بدأت الأمور تتغير ببطء، حيث تبرز أصوات نسائية قوية تسعى لتغيير هذا المشهد.
تتجلى هذه الجهود في جائزة “المرأة في الحركة” (Women In Motion)، التي أُطلقت في مهرجان كان السينمائي عام 2015. حيث تهدف هذه الجائزة إلى تكريم النساء اللواتي يساهمن في تعزيز مكانة المرأة في السينما، سواء من خلال أعمالهن الفنية أو من خلال دعمهن للنساء الأخريات في هذا المجال. وهذا العام، حصلت النجمة العالمية نيكول كيدمان والمخرجة البرازيلية ماريانا بيرناند على هذه الجائزة، تقديراً لإسهاماتهما في سينما المرأة.
تُعتبر نيكول كيدمان واحدة من أبرز الممثلات في هوليوود، وقد لعبت دورًا فعالًا في دعم وتمكين النساء من خلال مشاريعها الإنتاجية. في كلمتها خلال حفل تسلم الجائزة، أكدت كيدمان على أهمية منح النساء الفرص، قائلة: “استثمروا فينا وآمنوا بنا، لأن أصواتنا مهمة للغاية. سنسهم في تغيير العالم”.
وبدورها تعهدت كيدمان منذ عام 2017 بالعمل مع مخرجات كل 18 شهراً، وقد تجاوزت هذا الوعد بكثير، حيث تعاونت مع العديد من المخرجات، مما يعكس التزامها العميق بقضية تمكين النساء في السينما. وذلك نتذ البدايات عندما أدت شخصية فيرجيينا وولف في فيلمها الذي استحقت عليه الأوسكار The Hours انتاح عام 2002. واستمرت في عرضها لقضايا العنف الأسري مثل مسلسل Big Little Lies (2017) والمشاكل التي تواجه النساء القياديات مثل Babygirl (2024) وقضايا اخرى عديدة.
أما يا صديقي ماريانا بيرناند، فهي مخرجة برازيلية معروفة بأعمالها التي تركز على قضايا المرأة والمجتمع. حصلت على جائزة “المرأة في الحركة” تقديراً لمساهمتها في تقديم قصص نسائية معقدة تعكس تجاربهن الحقيقية. من خلال أفلامها، تسعى بيرناند لتسليط الضوء على التحديات التي تواجه النساء في المجتمعات التقليدية، مما يجعلها مثالاً يُحتذى به في هذا المجال. فمنذ بدايتها بفيلم Manas وهو الفيلم الروائي الأول لها، تناولت قضايا الاعتداء على الفتيات والنساء في جزيرة ماراجو شمال البرازيل. واستخدمت بيرناند الخيال كوسيلة لسرد القصة، مما يسمح لها بالتعمق في الواقع وآليات الإساءة دون اللجوء إلى المزيد من العنف.
تُعتبر جائزة “المرأة في الحركة” (Women In Motion) التي تُمنح في مهرجان كان السينمائي واحدة من المبادرات الرائدة التي تهدف إلى تعزيز دور النساء في صناعة السينما. فمنذ إطلاقها في عام 2015، ساهمت هذه الجائزة في تسليط الضوء على إسهامات النساء في الفن السابع، سواء كمنتجات أو مخرجات أو ممثلات. ومن خلال تكريم النساء اللواتي حققن إنجازات بارزة في السينما، تساهم جائزة “المرأة في الحركة” في زيادة الوعي حول أهمية تمثيل النساء في الأفلام. على سبيل المثال، أظهرت الإحصائيات أن نسبة الشخصيات الرئيسية التي تؤديها النساء في الأفلام الرائجة قد ارتفعت من 32% إلى 54% بين عامي 2015 و2024. هذا التغيير يعكس تأثير الجائزة في تشجيع صانعي الأفلام على تقديم قصص نسائية متنوعة ومعقدة.
أهم من فاز بهذه في أول مرة تمنح الأسطورة جين فوندا. ثم منحت لمؤثرات أ بلغة العصر انفلونسرز في صناعة السينما مثل سلمى حايك عام 2019، وميشيل ييوه عام 2023 وجوليان مور:عام 2018،وصوفيا كوبولا عام 2017،
تقدم الجائزة أيضًا دعمًا ملموسًا للمواهب النسائية الناشئة من خلال منح جوائز خاصة، مثل جائزة “المواهب الناشئة” التي تشمل منحًا مالية لمساعدتهن في تطوير مشاريعهن السينمائية. هذا النوع من الدعم يساعد في بناء جيل جديد من المخرجات والمنتجات، مما يساهم في تغيير المشهد السينمائي على المدى الطويل.
ومن جانبها تسعى جائزة “المرأة في الحركة” إلى خلق منصات للحوار والنقاش حول قضايا النساء في السينما. من خلال الفعاليات والمحاضرات التي تُنظم على هامش المهرجان، يتمكن صناع الأفلام من تبادل الأفكار والخبرات، مما يعزز من فرص التعاون بين النساء في هذا المجال.
لذا عزيزي القارئ ومحب السينما تعمل الجائزة على تغيير الصور النمطية المرتبطة بالنساء في السينما بشكل عملي بعيدا عن الشعارات الرنانة والخطب الزنانة. فمن خلال تكريم شخصيات مثل كيدمان و بيرناند، التان تُعتبران رمزًا للتمكين النسائي، يتم إعادة تعريف دور المرأة في الأفلام، مما يساعد على تقديم شخصيات نسائية قوية ومستقلة.
تُظهر جائزة “المرأة في الحركة” كيف أن السينما يمكن أن تكون منصة قوية لتغيير الصور النمطية وتعزيز تمثيل النساء. إن تكريم كيدمان وبيرناند هو دعوة لجميع النساء للتمسك بأحلامهن ومواصلة العمل من أجل تحقيق التغيير في صناعة السينما. لنستمر في دعم بعضنا البعض، ولنجعل أصواتنا مسموعة في كل زاوية من زوايا العالم السينمائي.
اقراء أيضا