لا يمكن لعاقل أن يتجاهل الحالة التى صنعها أحمد المسلمانى فى ماسبيرو، فمنذ تولى رئاسة الهيئة الوطنية للإعلام وهو يفاجئنا كل يوم بجديد يجعل المبنى العريق يعود للأضواء بعد سنوات من الإهمال والتدمير المنظم لأهم وأخطر جهاز وطنى صنع وجدان المصريين وشكل ثقافة أجيال. وقد استسلم المثقفون والصحفيون والأدباء وأصحاب الرأى لحالة التخريب المتعمد لاستوديوهات وكيان ماسبيرو، ووقف الجميع يتفرج على جيش من المخرجين والمذيعين والمعدين والإداريين يتم دفنهم أحياء داخل المبنى، وشاعت روح الإحباط والتردى والسقوط على كل العاملين بالتليفزيون المصرى. حتى جاء المسلمانى فجعل من المبنى العريق حديثا متجددا فى السوشيال ميديا، ثم فاجأ الجميع بقرارات كانت فى معظمها نداءات ومطالبات من المصريين فلم يستجب لهم أحد قبل أن يتخذ المسلمانى قرارا بوقف بث الإعلانات الرخيصة فى إذاعة القرآن الكريم والتى كانت مطلبا جماهيريا حفاظاً على قيمة ومكانة المحطة الأوسع جماهيرية. ومنذ أيام أضاء مبنى ماسبيرو ودبت الروح فى أوصاله حين قرر المسلمانى أن يعيد إلى الوجدان المصرى بريق المجد احتفالاً بأم كلثوم وتكريما لنجوم المسلسلات الخالدة. ونجح المسلمانى خلال فترة قصيرة فى إعادة الروح إلى المبنى الذى يحمل تقديرا كبيرا فى نفوس المصريين. كل ذلك رائع وحسن، حتى وإن كان قرارا مثل تغيير اسم قنوات النيل إلى “ميلووودى”؛ قد آثار حفيظة الكثيرين وأنا منهم. لذا فمن الصعب على مواطن عاقل ورشيد مثلى أن ينكر على المسلمانى كل هذا وسط حالة رخوة تنتشر فى أوصال معظم مؤسسات الدولة، فمن يرفع راية ماسبيرو يستحق التحية والتقدير حتى وإن أخطأ فيكفى أنه أحيا ميتا وأعطى الأمل فى كثير من تغييرات وقرارات تعيد إلى المبنى ولو بعض البريق.
الحكاية من البداية ! • فودكا – مزاج القراءة
سيقول المتابعون لموقع فودكا : مالك تكتب قصائد المديح فى المسلمانى وقد كتبت الكثير عن مواقفه السياسية السابقة بداية من عهد مبارك مرورا بقصته مع السيدة شاليمار الشربتلى؟! وسأقول إننى رجل متصالح مع نفسه ومع مواقفه ولست من أولئك الذين يبخسون الناس حقهم. وإن كنتُ سخرت من المسلمانى فى حكاياته عن رحلاته إلى باريس؛ إلا أننى لم أنكر عليه الثقافة الواسعة والقدرة على اجتذاب الجماهير ببساطة ريفية غير متكلفة. فما بالك والرجل يثبت خلال فترة قصيرة جداً أنه يمتلك جرأة التغيير والتجديد وداخل مبنى بحجم ماسبيرو! كنا نبحث عن أمل ولو كان ضعيفا وجاءنا رجل يصنع شعلة من الأمل فهل ننكر عليه ما يفعل لخلاف حول مواقف سياسية سابقة؟!.
عموما .. ها أنا رفعت القبعة للمسلمانى وقد جاء عليه الدور ليؤكد أنه يستحق هذه التحية وأكثر منها إن فعلها وفتح ملف صفقة بيع الأفلام والحفلات الغنائية إلى روتانا. جاء الوقت لتكتمل منظومة وطنية عظيمة يستحق صاحبها تمثالا فى الشوارع مثل طلعت حرب، فلك أن تتخيل عودة أكثر من 800 فيلم وآلاف الحفلات الغنائية لأم كلثوم وعبد الحليم وفريد الأطرش إلى التليفزيون المصرى بعد أن تم بيع كل هذه الكنوز لروتانا! لك أن تتخيل معنى وقيمة إعادة حقوق الملكية المصرية لكل هذا التراث الذى تم بيعه جهارا نهاراً وعبر أشخاص يمتلكون من الشهرة والحصانة ما يمنع عنهم الحساب والعقاب .. لك أن تتخيل العائد المادى من قيمة عرض أفلامنا على قنوات العالم العربى كله بعد أن نهبها واستحوذ عليها صاحب روتانا!
السيدة إسعاد يونس التى قامت برفع دعاوى قضائية على ماسبيرو فى 2016 تطالبه بدفع 190 ألف دولار مستحقاتها عن عرض بعض أفلام شركتها. هى نفسها التى كانت شريكا أساسيا فى صفقة بيع تراثنا السينمائى والغنائى فى 2004 ! وتلك مفارقة تكشف لك كيف تم استباحة كنوز ماسبيرو فى صفقة كبيرة لبيع تراثها، وكيف تطالب المنتجة وصاحبة الشركة العربية بحقوقها عن عرض أفلامها المتواضعة فى التليفزيون المصرى !!
ولا أظن أن المسلمانى بما يمتلك من تاريخ صحفي وثقافي ومعرفى يجهل تفاصيل تلك القصة التى هزت أرجاء مصر آواخر التسعينات وحتى مطلع الألفية الثانية. ثم تهاوت القصة بكل ما تحمل من مرارة وسقطت تماما بفضل قوة وسطوة البزنس والنفوذ، ورحم الله المخرج السيينمائى الكبير محمد كامل القليوبى الذى كان يقف وحيداً فى وجه العاصفة. وستجدون لينكات مع هذا الموضوع تشرح قصة بيع تراث مصر الفنى بالتفصيل. ولا أظن أن السيدة إسعاد التى تمتلك كل هذا الحب لمصر وأهلها والتى تونس السيدات فى البيوت والكامبوندز كل ليلة تقريبا ستبخل علينا وعلى عشاقها بلقاء مع رئيس الهيئة الوطنية للإعلام تكشف فيه حقيقة صفقة البيع تلك؟ فهل نحلم بهذا اللقاء لنعرف حقيقة ما حدث؟
متى تعتذر إسعاد يونس لهذا الرجل؟ • فودكا – مزاج القراءة
وأنا اليوم وإن كنتُ قد رفعت القبعة للمسلمانى، فإننى أعدكم وأعده بأن أضع صورته على مكتبى وأطبعها على تى شيرتات شبابية براقة وأوزعها مجانا فى حى السيدة زينب الذى أقيم فيه. وربما أدخل جمعية بعشرين ألف جنيه لأصنع له تمثالاً يليق برجل مصرى مغامر يفتح هذا الملف الذى عذبنى سنوات وسرق النوم من جفونى.. فهل يفعلها ؟
بيع أصول السينما المصرية..قصة للعواجيز فقط • فودكا – مزاج القراءة