وأنت تقول (قصر عابدين) ولا تفكر من هو عابدين هذا الذي يُنسب إليه القصر والميدان الذي يحتل وسط القاهرة؟
هكذا تبدأ ولاء جمال فصل من كتابها (مبدعون على جناح الإنسانية) فهي تقدم لك عدداً من المبدعين الذين عاشوا في الظل وساندوا نجوما وحملوهم على جناح الإنسانية؛ تماماً كما فعلت عائلة (زين العابدين) مع سيدة الغناء العربى.
ومن عائلة (عابدين) التي يعود نسبها إلي الإمام علي زين العابدين؛ جاء (أحمد كامل زين العابدين) ليقدم للكاتبة كنزاً من المعلومات الجديدة. وهو فنان يجيد الاستماع والنقد الموسيقي، ويتمتع بصداقات واسعة مع كبار الفنانين في مصر والعالم بفضل تذوقه الكبير لفنون الموسيقى والغناء. يحكى أحمد كامل لولاء جمال عن شقيقته “جيهان” التي كانت أم كلثوم تعتبرها ابنتها التي لم تنجبها. كما حكى لها عن خالته (كميلة) التي فتحت بيت زين عابدين للفنانة الناشئة أم كلثوم لتقرأ القرآن في حضور سيدات العائلة وصديقاتهن. كما حكى عن شقيقته جيهان آخر جيل من العائلة ظل إلي جانب أم كلثوم، وعندما طلبت جيهان من أم كلثوم الغناء في بيت الطالبات بالجامعة وافقت على الفور؛ وهي التي لم تكن تسمح لغير جيهان بطلب كهذا.
تبدأ الكاتبة بتقديم معلومة تجاهلها التاريخ كثيرًا وهي أن (طاهر باشا عابدين) حكم مصر فترة ربما قصيرة قبل محمد على!! وطاهر باشا كان الشقيق الأصغر لعابدين باشا زين العابدين، الجد الأكبر لعائلة ترجع جذورها إلي علي زين العابدين حفيد علي بن أبي طالب – رضي الله عنه. وهو الإسم الذي غنت له بديعة مصابني وبالتحديد لمحمد زين العابدين عم أحمد زين العابدين الذي تحدث إلي الكاتبة وروي لها الكثيرعن هذه العائلة العريقة التي وقعت في غرامها أم كلثوم وغنت لها بديعة مصابني.
وقد سمي قصر عابدين بهذا الاسم لأن عابدين باشا وزير الزراعة ـ أو مفتش العموم آنذاك ـ كان صديقا للخديوي إسماعيل منذ طفولتيهما. وقد أُعجب إسماعيل باشا بعد أن اصبح (الخديوي) بقطعة الأرض المملوكة لعابدين باشا وطلبها منه لإقامة قصر عليها؛ فتنازل له عنها بشرط أن يبقى بالأرض مدفن الشيخ الذي علم عابدين وإخواته قراءة القرآن.
يحكى أحمد كامل زين العابدين عن علاقة أم كلثوم بوالدته وخالاته (فاتيكو” و” كميلة ” و”أسمة ” و” حسبية ” و” بهيجة ) التي لم تنقطع. حتي أن مسلسل أم كلثوم أشار إلي تلك الفترة وبخاصة فترة جمع التبرعات للمجهود الحربي، كما يقول أحمد كامل الذي يفجر مفاجأة كبيرة حين يعلن أن العائلة هي التي رشحت بليغ حمدى لتلحين أغنية “حب إيه”. ويقول إن والدة بليغ كانت من صديقات والدته وأن العائلة كانت تدعم موهبة بليغ في بدايتها.
أما كيف بدأت العلاقة فيقول: (كانت أم كلثوم تنزل ضيفة علي في حلوان تعرفت إلى خالتي “كميلة زين العابدين”، وتوطدت العلاقة بينهما بخاصة أن عائلتي كانت مشهورة بحب الفن وإستضافة الفنانين. وكانت أم كلثوم في بداية حياتها القاهرية، ومن خلال خالتي كميلة دخلت الفنانة الناشئة بيت زين العابدين لتقرأ القرآن في حضور سيدات العائلة وصديقاتهن. وعندما تزوجت إحدي الصديقات نصحتها خالتي بدعوة أم كلثوم للغناء في حفلها؛ وكان هذا هو أول ظهور لأم كلثوم في مجتمع العاصمة بحلوان. ومن تلك اللحظة ظلت علاقة الأسرة بأم كلثوم قوية جدا على المستوى الإنساني والفني، لدرجة أن ” البنوار ” رقم ( 5 ) في مسرح الأزبكية حيث كانت تغني أم كلثوم؛ كان محجوزا دائما للأسرة وتذاكره لاتباع ولاتشتري،. لأن أم كلثوم كانت تفضل أن تجلس الأسرة أمامها بإعتبارها أسرة “سميعة”.
………
من كتاب: مبدعون على جناح الانسانية – ولاء جمال – دار كنوز