فى القرآن الكريم لا تأتى كلمة قبل كلمة إلا بحساب، وكل حرف أو كلمة؛ لا تتقدم كلمة على كلمة إلا بسبب، ولا تتأخر كلمة على كلمة إلا بسبب.
وإذا تقدم السمع على البصر في آية من آيات الله فإنما ذلك لسبب. فالسماع تأثير إلهي يحرك القلب إلى رؤية الله، وأولئك الذين ينصتون جيداً بأرواحهم لصوت الطبيعة وموسيقاها يصلون لله.
بهذا الذكاء تدخل الدكتورة سهير عبد العظيم إلى تقديم نعمة وفضيلة(السمع) والتي يستتبعها الإصغاء، فلماذا قدم القرآن السمع على البصر؟
جهاز السمع أرقى وأعقد وأدق وأرهف من جهاز الأبصار، ويمتاز عليه بإدراك المجردات، كالموسيقى وإدراك التداخل مثل: حلول عدة نغمات داخل بعضها البعض مع القدرة على تميز كل نغمة كما تميز الأم صوت طفلها من بين زحام هائل من آلاف الأصوات المتداخلة. يتم هذا في لحظة زمن .. أما العين فهي تتوه في زحام التفاصيل، والعلم يمدنا الآن بألف دليل على تفوق معجزة السمع على معجزة البصر. ولاشك أن تلك أسرار يعرفها علماء الفسيولوجيا والتشريح حديثا، فلم يكن هذا العلم موجوداً أيام القرآن فالعلم الحديث أثبت أن أن الطفل حين ولادته يسمع قبل أن يرى.
هل يجوز أن نسأل بعد ذلك لماذا قدم القرآن الكريم السمع على البصر وفى أكثر من سبعة عشر موضعا!! وبتنويعات قرآنية بديعة نقرأ منها، بسم الله الرحمن الرحيم :
“وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”
“أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي”
“وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً”
“أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا ۖ“
“وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ”
“إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا”
“وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم”
“قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ”
“… ولو شاءَ الله لذَهب بسمعهم وأبصارهم”
“أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ”
“فَما أغْنى عَنْهم سَمْعُهم ولا أبْصارُهم ولا أفْئِدَتُهم مِن شَيْءٍ”
“أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ”
“إن الله كان سميعا بصيرا”
” إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا ”
“… لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”
“قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ”
وخلق الله للإنسان خمس حواس، لكل حاسة من تلك الحواس خاصية تمتاز بها في الإدراك ، فالنظر يستلذ المنظر الجذابة المؤثرة بجمالها ولهذا الجمال أثره الفعال في نفس الإنسان ويستهجن النظر ما يخالف ذلك ، وعلى هذا القياس تماما نجد حاسة الشم والتذوق واللمس وهكذا نصل إلى حاسة السمع، التى تستلذ الصوت البديع ولهذا الصوت الحسن أثره القوى في النفوس حتى أن المرضى يعالجون عن طريق هذه الحاسة وهي سماع الأنغام الشجية والألحان المؤثرة الجميلة، والموسيقى المطربة، والأصوات الحسنة بصفة عامة. فالله عز وجل لم يخلق فينا هذه الحاسة هباء،وإنما لحكمة كبيرة ،ولذلك وجب استعمالها فيما يعود على الإنسان بالرقي والخير والموسيقى هي خير عون على هذا .