من كادرات هنري بركات البديعة والمذهلة مشهد اصطفاف أهل القرية المهيب لاستقبال جثمان عزيزة من فيلم الحرام ظلال أجسادهم التي تأتي في المنتصف في مواجهة بين الأرض والسماء بين الظل والنور بين الشك واليقين بينما يشقون الخط الفاصل بين دار الحق والدنيا تلتبس الحيرة على وجوههم المتعبة بين الحلال والحرام لوحات مرسومة بدقة متناهية رمزية جدًا في توصيف حالة عزيزة هل هي آثمة هل هي مظلومة حالة من الحيرة وظفتها كادرات هنري بركات المخرج المتفرد نرى أيضًا
من ضمن المشاهد توقف الزمن لحظة وفاة عزيزة ووقوف بعض عمال التراحيل أمام الشجرة التي شهدت المأساة وفاة عزيزة بحمى النفاس ووليدها اختناقًا على يدها دون قصدٍ منها والبعض الآخر توقفوا تماما عن الحرث في الأرض ثم مشاهد العمال في اليوم التالي وكأن الحياة عادت لمجاريها دارت السواقي وارتوت الأرض وعاد كل شئ كما كان لكن تخلد عزيزة قصتها فتظل الشجرة شاهدة بل تلجأ إليها النساء للتبرك بها وبذلك ضمنيًا دون مباشرة من بركات تظهر براءة عزيزة بفضل الاخراج العظيم ورمزيته مذهلة فاتن حمامة حيث من يراها وهي تتمتم بعبارة “أعمل ايه يا ربي الشيطان كتفني” لن يشك للحظة انها ليست سيدة ريفية معدمة أحاطتها الظروف المعيشية الصعبة من كل جانب تعول زوجها وأبناءها وتقع فريسة للحرام وهو إسم الرواية فيجعلها موضع اتهام بدأ
الفيلم بصوت حسين رياض الرخيم والذي قام بدور الراوي دوره أعطى للفيلم بعد إنساني آخر فنراه يتحدث عن الفقر والجوع والأحوال الاقتصادية في هذه الحقبة ربما ليتعاطف المجتمع مع قضايا المرأة وكأنه قاضي يفند ملابسات قضيته القصة مأخوذة عن رواية بنفس الاسم للكاتب يوسف ادريس أحداث الرواية تقع في سنة ١٩٥٠ الموسيقى التصويرية لسليمان جميل سيناريو وحوار لسعد الدين وهبة عزف الفرقة الموسيقية الشعبية انتاج عام ١٩٦٥ وتم التصوير في قرية حقيقية لمزيد من الواقعية والالتحام والمحاكاة مدير التصوير البارع ضياء الدين المهدي بدأ الفيلم بمشهد أفقي للبقعة الرماديةالتي تتوسط المساحة الخضراء البيوت المتلاصقة والمتراصة تؤكد على ضنك المعيشة ثم يتحدث حسين رياض عن الجوع فيقترب أكثر للكلب الذي يعض الأرض
ثم يتطرق للبيوت الفقيرة المبنية من قش وطين مشاهد بسيطة لكن عميقة في تجسيدها أخيرًا أقتبس من رواية ادريس هذا التعبير: “الفقير لا يصبح محل اهتمام سوى عندما يصبح موضع اتهام”.
